كتب محمد ذو الفقار مقالة لميدل إيست مونيتور، تناول فيه صدمة الرأي العام الإندونيسي من قرارنهضة مصر، أكبر وأقوى منظمة إسلامية في البلاد، التي دعت الأكاديمي الأميركي بيتر بيركوفيتز إلى إلقاء محاضرة في أكاديميتها القيادية. أوضح الكاتب أن بيركوفيتز ليس خبيراً محايداً في القانون أو حقوق الإنسان، بل مدافع صريح عن الاحتلال الإسرائيلي وتبرير لجرائمه. لهذا، اعتُبر القرار خيانة صريحة لفلسطين ولمبادئ العدالة التي طالما تبنتها المنظمة.
أشار المقال إلى أن نهضة العلماء لا تمثل مجرد جمعية دينية، بل هي الركيزة الأساسية للمشهد الديني والاجتماعي في إندونيسيا، وحاملة إرث التضامن مع فلسطين منذ عقود. لهذا بدت دعوتها لشخصية كرّست مسيرتها للدفاع عن الفصل العنصري الإسرائيلي نقيضاً صارخاً لقيمها المعلنة. وصف محمد ذو الفقار هذا الموقف بأنه انهيار أخلاقي خطير لا يمكن تبريره.
أكد الكاتب أن بيركوفيتز قضى سنوات وهو يشرعن سياسات الاحتلال، يقلل من حق الفلسطينيين في المقاومة، ويبيض جرائم الحرب، حتى أنه يبرر العنف ضد المدنيين. ومن ثم فإن منحه منبراً من قبل أكبر منظمة إسلامية يُعَد تقويضاً لمسؤوليتها تجاه المستضعفين. رأى البعض أن هذه الدعوة تمثل نوعاً من "التفاعل الفكري"، لكن المقال أوضح أن هذا التبرير واهٍ؛ إذ لا يجوز فتح الباب أمام أفكار تدافع عن الإبادة أو تشرعن الاضطهاد.
وصف المقال الخطوة بأنها خيانة ليس فقط لفلسطين، بل لقيم الإسلام الجوهرية: نصرة المظلوم، رفض الظلم، والتضامن مع المستضعفين. القرار قوّض واجب الأمة في أن تكون جسداً واحداً يتألم بألم أي جزء منه. فحين تُمنح منصة لمناصر للاحتلال، يتلاشى جوهر هذه الرسالة الروحية.
ذكّر محمد ذو الفقار بأن دستور إندونيسيا ذاته ينص على رفض الاستعمار لأنه يتناقض مع الإنسانية والعدالة. لكن نهضة العلماء، بدعوتها لبيركوفيتز، أرسلت رسالة خاطئة لملايين المسلمين: أن معاناة الفلسطينيين يمكن أن تُطرح للنقاش وكأنها مسألة رأي سياسي. هذا الموقف، برأي الكاتب، يفرغ القضية من بعدها الأخلاقي ويحوّل الدفاع عن الإبادة إلى خيار مشروع.
أوضح المقال أن القيادة في نهضة العلماء تعرف جيداً خطورة ما فعلت، بحكم تاريخها الطويل في الدفاع عن العدالة. ومع ذلك، أظهرت بدعوتها هذا الرجل عمىً أخلاقياً مقلقاً، وانحرافاً عن مسارها التاريخي. فإذا كانت تدّعي حماية حقوق الإنسان، كيف يمكنها الاصطفاف مع شخص يبرر سرقة الأرض وقتل المدنيين؟
اعتبر الكاتب أن ما حدث لا يمثل إخفاقاً سياسياً فحسب، بل فشلاً روحياً عميقاً. إذ يعلّم الإسلام أن العدالة فرض على كل مسلم، وأن نصرة المظلومين مسؤولية لا يمكن التنازل عنها. لكن الدعوة لبيركوفيتز عكست تخلي المنظمة عن هذا الواجب، وانحيازها عملياً لصف المستعمر ضد المستضعف.
طالب المقال المنظمة بمراجعة نفسها بصدق: هل ما زالت ملتزمة بالعدل والتضامن، أم أصبحت مجرد صوت جديد يشرعن القمع؟ إن أرادت الحفاظ على مكانتها كقيادة للعالم الإسلامي، فعليها الاعتراف بالخطأ وتصحيحه فوراً.
أوضح محمد ذو الفقار أن الشعب الإندونيسي والعالم الإسلامي يستحقان موقفاً أفضل. المطلوب ليس مجرد اعتذار، بل إلغاء الدعوة رسمياً، وتجديد الالتزام العلني بفلسطين ورفض الاحتلال. على نهضة العلماء أن تثبت أن مبادئ الإسلام ليست شعارات جوفاء، بل قيم تستحق التضحية حتى في الظروف الصعبة.
اختُتم المقال بتأكيد أن ما جرى يمثل لحظة اختبار كبرى: إما أن تختار نهضة العلماء العدالة والتضامن مع المظلوم، أو أن تغدو شريكاً في جريمة الصمت والتواطؤ. خيارها سيحدد ما إذا كانت ستظل منارة للمسلمين أم عبئاً أخلاقياً على تاريخها العريق.
https://www.middleeastmonitor.com/20250827-indonesias-largest-muslim-organisation-has-also-betrayed-palestine/